كانوا يجوزون
التعدّي عنها ، وكانوا يعدّون التعدي ارتفاعا وغلوّاً حسب معتقدهم ، حتى انهم
جعلوا مثل نفي السهو عنهم غلوّاً ، بل ربما جعلوا مطلق التفويض اليهم أو التفويض
الذي اختلف فيه ـ كما سنذكر ـ او المبالغة في معجزاتهم ونقل العجائب من خوارق
العادات عنهم ، أو الاغراق في شأنهم وإجلالهم وتنزيههم عن كثير من النقائص ،
واظهار كثير قدرة لهم ، وذكر علمهم بمكنونات السماء والارض ( جعلوا كل ذلك )
ارتفاعاً او مورثاً للتّهمة به ، سيَّما بجهة أن الغلاة كانوا مختفين في الشيعة
مخلوطين بهم مدلِّسين.
وبالجملة ، الظاهر أن القدماء كانوا
مختلفين في المسائل الاصولية أيضاً فربما كان شيء عند بعضهم فاسداً او كفراً أو
غلوّاً أو تفويضاً او جبراً او تشبيهاً أو غير ذلك ، وكان عند آخر ممّا يجب
اعتقاده ، أو لا هذا ولا ذاك. وربما كان منشأ جرحهم بالأمور المذكورة وجدان
الرواية الظاهرة فيها منهم ـ كما أشرنا آنفاً ـ او ادّعاء أرباب المذاهب كونه منهم
او روايتهم عنه وربّما كان المنشأ روايتهم المناكير عنه ، إلى غير ذلك ، فعلى هذا
ربَّما يحصل التأمل في جرحهم بأمثال الامور المذكورة إلى أن قال :
ثمَّ اعلم أنه ( أحمد بن محمد بن عيسى )
والغضائري ربما ينسبان الراوي إلى الكذب ووضع الحديث أيضاً بعد ما نسباه إلى
الغلوّ وكأنه لروايته ما يدل عليه » [١].
اجابة المحقق التستري عن هذه النظرية
إن المحقّق التستري أجاب عن هذه النظرية
بقوله : « كثيراً ما يردّ المتأخرون طعن القدماء في رجل بالغلوّ ، بأنهم رموه به
لنقله معجزاتهم وهو غير صحيح ، فان كونهم عليهمالسلام
ذوي معجزات من ضروريات مذهب
[١] الفوائد
الرجالية للوحيد البهبهاني : ٣٨ ـ ٣٩ المطبوعة في آخر رجال الخاقاني ، والصفحة ٨
من المطبوعة في مقدمة منهج المقال.