لما كانت السنَّة المطهَّرة الشّاملة
لأحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآله
وعترته الطّاهرة ، هي المصدر الرئيسي الثاني من مصادر التشريع الإسلامي ، وكان
الوقوف على الأحاديث الشَّريفة ، والاستفادة منها تتطلّب التثبّت منها ، والتحقّق
من صدورها ، أو الحصول على ما يجعلها حجَّة على المكلَّفين ، لذلك يجب الوقوف على
أحوال الرواة الَّذين حملوا إلينا تلك الأحاديث جيلاً بعد جيل ، منذ عصر الرِّسالة
والإمامة ، وهذا هو ما يسمّى بـ : « علم الرجال » الّذي يتعيَّن على كلِّ فقيه
يريد استنباط الاحكام ، وممارسة عمليَّة الاجتهاد ، الإلمام به على نحو يمكنه من
تمحيص الأحاديث ، والتثبّت منها.
وإحساساً بأهميّة هذا العلم في الدراسات
الإسلامية ، طلبت منّي « لجنة إدارة الحوزة العلمية بقم المقدسة » ، إلقاء سلسلة
منتظمة من المحاضرات على طلاّب الحوزة العلميَّة المباركة لتكون مقدِّمة لمرحلة
التخصّص.
فاستجبت لهذا الطَّلب ، ووفَّقنا الله
لإلقاء هذه المحاضرات التي تشتمل على قواعد وكليّات من هذا العلم ، لا غنى
للمستنبط عن الوقوف عليها ، وقد استخرجناها عمّا ذكره أساطين الفنّ في مقدَّمات
الكتب الرجاليّة أو خواتيمها ، وهم بين موجِز في القول ، ومفصّل ومُسهِب في الكلام
ـ شكر الله مساعيهم