هذا هو الوجه الأوّل للزوم المراجعة إلى
علم الرجال. واليك الوجوه الباقية.
الثاني : الرجوع إلى صفات الرّاوي في الأخبار
العلاجيّة
إنَّ الأخبار العلاجيّة تأمر بالرّجوع
إلى صفات الرّاوي ، من الأعدليّة والأفقهيّة ، حتّى يرتفع التعارض بين الخبرين
بترجيح أحدهما على الآخر في ضوء هذه الصفات. ومن المعلوم أنّ إحراز هذه الصفات في
الرّاوة لا يحصل إلا بالمراجعة إلى « علم الرجال » ، قال الصادق عليهالسلام في الجواب عن سؤال عمر بن حنظلة عن
اختلاف القضاة في الحكم مع استناد اختلافهما إلى الاختلاف في الحديث : « الحكم
ماحكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما يحكم به
الآخر » [١].
فإنَّ الحديث وإن كان وارداً في صفات
القاضي ، غير أنَّ القضاة في ذلك الوقت كانوا رواة أيضاً ، وبما أنّ الاجتهاد كان
في ذلك الزَّمن قليل المؤنة ، بسيط الحقيقة ، لم يكن هناك فرق بين الاستنباط ونقل
الحديث إلا قليلاً ، ولأجل ذلك تعدّى الفقهاء من صفات « القاضي » إلى صفات «
الراوي ».
أضف إلى ذلك أنّ الروايات العلاجيّة غير
منحصرة بمقبولة عمر بن حنظلة ، بل هناك روايات أُخر تأمر بترجيح أحد الخبرين على
الآخر بصفات الراوي أيضاً ، يقف عليها من راجع الباب التاسع من أبواب صفات القاضي
من الوسائل ( ج ١٨ ، كتاب القضاء ).
الثالث : وجود الوضّاعين والمدلّسين في الرواة
إنَّ من راجع أحوال الرواة يقف على وجود
الوضّاعين والمدلّسين
[١] الوسائل : ١٨ /
٧٥ ، كتاب القضاء ، الباب التاسع من أبواب صفات القاضي الحديث الأول الصفحة ٧٥.