وقد أدخل القدماء من الرجاليين تراجم
خصوص العلماء من علم التراجم في علم الرجال ، من دون أن يفرّقوا بين العلمين حتّى
إنَّ الشيخ منتجب الدين ابن بابويه ( الّذي ولد سنة ٥٠٤ وكان حيّاً إلى سنة ٥٨٥ )
ألَّف فهرساً في تراجم الرواة والعلماء المتأخّرين عن الشيخ الطوسي ( المتوفّى سنة
٤٦٠ ) وتبع في ذلك طريقة من سبقه من علماء الرجال أعني الشيخ الكشّي والنجاشي
والشيخ الطوسي الذين هم أصحاب الأُصول لعلم الرجال والتراجم في الشيعة ، وكذلك فعل
الشيخ رشيد الدين ابن شهر آشوب ( المتوفّى عام ٥٨٨ ) فألَّف كتاب « معالم العلماء
» وألحق بآخره أسماء عدَّة من أعلام شعراء الشيعة المخلصين لأهل البيت. وبعده أدرج
العلاّمة الحلّي ( المتوفّى عام ٧٢٦ هـ ) في كتاب « الخلاصة » بعض علماء القرن
السابع ، كما أدرج الشيخ تقي الدين الحسن بن داود ( المولود عام ٦٤٧ ) أحوال
العلماء المتأخّرين في رجاله المعروف بـ « رجال ابن داود » واستمَّر الحال على ذلك
إلى أن استقلّ « التراجم » عن « علم الرجال » فصار كلّ ، علماً مستقلاً في
التأليف.
ولعلَّ الشيخ المحدِّث الحرّ العاملي من
الشيعة أوَّل من قام بالتفكيك بين العلمين فألَّف كتابه القيّم « أمل الآمل في
تراجم علماء جبل عامل » في جزءين : الجزء الأوّل بهذا الاسم والجزء الثاني باسم «
تذكرة المتبحّرين في ترجمة سائر علماء المتأخّرين » وقد توفّي الشيخ عام « ١١٠٤ »
وشرع في تأليف ذلك الكتاب عام « ١٠٩٦ » ، وبعده توالى التأليف في التراجم فألَّف
الشيخ عبد الله الأفندي التبريزي ( المتوفّى قبل عام ١١٣٤ هـ ) ، « رياض العلماء »
في عشر مجلَّدات إلى غير ذلك من التآليف القيّمة في التراجم كـ « روضات الجنّات »
للعلاّمة الاصفهاني و « أعيان الشيعة » للعلاّمة العاملي و « الكنى والألقاب »
للمحدّث القمي و « ريحانة الأدب » للمدرّس التبريزي ( قدّس الله أسرارهم ).