نام کتاب : نظرات معاصرة في القرآن الكريم نویسنده : الصّغير، محمد حسين علي جلد : 1 صفحه : 14
يأتوا بمثل هذا
القرآن ، فيسمى ذلك إعجازاً بالصرفة ، وهو رأي المعتزلة[١].
ولكن الرأي الأمثل ، أن الله قد يسر
جميع القدرات البيانية ، ووهب مستلزمات البلاغة للناس وتحداهم فلم يتمكنوا من
الأتيان بمثل لهذا القرآن ، وذلك أبلغ في الإعجاز.
فما هي وجوه هذا الإعجاز في القرآن وما
هي مظاهره ؟ أحاول فيما يلي أن أضع ملخصاً بأبرز وجوه الاعجاز ومظاهره على نحو
الإجمال.
١ ـ الإعجاز الغيبي ، ويتمثل بما تحدث
عنه القرآن الكريم بضرس قاطع في الأنباء عن الغيب الماضي والمستقبلي :
أ ـ عرض القرآن سيرة الأمم السالفة
وجزئيات أحداثها ، وكبريات أنبائها بلهجة الجزم واليقين ، فأخبر عن آدم ونوح وإبراهيم
وموسى وعيسى وذي القرنين وأهل الكهف ، وقوم عاد وثمود ولوط وشعيب ، وجمهرة عظيمة
ممن أصابهم عذاب الاستئصال بمجريات أحوالهم بما يعتبر كشفاً لأدق التفصيلات
التأريخية بما لا علم لأحد به على وجه الكمال ، وهي حالة لا عهد بها للمجتمع
العربي في مكة ، مما كعلهم يتهافتون على هذه الأخبار ، ويتمثلون وقائعها بالمقياس
التأريخي للإفادة من عبرها وأحداثها ومواردها.
ب ـ وتحدث القرآن عن الأحداث المستقبلية
بلغة التأكيد بعدة مناسبات أبرزها ، وقعة بدر (سَيُهْزَمُ
الجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ(٤٥))[٢]
وغلبة الروم وانتصارها فيما بعد (الم(١)غُلِبَتِ الرُّومُ(٢)فِي أَدْنَى الأَرْضِ
وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ(٣))[٣].
وعن فتح مكة (لَتَدْخُلُنَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ إِن شَاءَ
اللهُ آمِنِينَ)[٤]
وهزمت قريش بعليائها وجبروتها في معركة بدر الكبرى ، وانتصر الروم على
[١] ظ : عبد الكريم
الخطيب ، الاعجاز في دراسات السابقين : ١٧٦ ـ ١٧٨.