نام کتاب : نظرات معاصرة في القرآن الكريم نویسنده : الصّغير، محمد حسين علي جلد : 1 صفحه : 13
خطبائهم وبلغائهم
سورة واحدة طويلة أو قصيرة ـ لتبين له في نظامها ومخرجها ، وفي لفظها وطبعها أنه
عاجز عن مثلها ، ولو تجدي بها أبلغ العرب لظهر عجزه عنها » [١].
فعبارة القرآن إذن من سنخ ما يعرفون ويدركون ، ولكنها ليس من جنس ما يحسنون لا
كمّاً ولا كيفاً ، فطلب إليهم الأتيان بمثله فما أستطاعوا ، وتنزل على عشر سورة
فما أطاقوا ، فتحداهم بسورة واحدة فقال : (وَإِن
كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ
مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(٢٣))[٢]
وقد دل الاستقراء أن أقصر سور القرآن هي الكوثر بسم الله الرحمن الرحيم : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(١)فَصَلِّ لِرَبِّكَ
وَانْحَرْ(٢)إِنَّ
شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ(٣))[٣].
فما بال الأمم لا تأتي بسطر واحد من هذا
الجنس ؟ وإذا كان القرآن قد أعجز العرب ، فغير العرب أشد عجزاً لأمرين :
الأول
: أن العرب هم أهل اللسان ، وقد عجزوا عن
مجاراة القرآن ، فغير أهل اللسان عاجزون من باب أولى.
الثاني
: أن اللغة العربية الشريفة ليست لغزاً
من الألغاز ، وهي قابلة للتعلم ، وقد نبغ فيها كثير من مسلمي غير العرب ، وأتقنها
حملة من المستعربين والمستشرقين حتى ترجموا القرآن إلى لغاتهم وقدموا أفضل
الدراسات القرآنية ، وإنما التحدي أو يتحدى الإعجاز القرآني من كل أمة علماءها ،
وعلماء الأمم يتمكنون من العربية ، فتوجه إليهم التحدي وعجزوا عن ذلك في كل زمان
ومكان.