الوجود الضعيف مركب
من وجود وعدم ، بل كلّها وجود لكن بمراتب ودرجات متعددة.
الأصل الثاني : انّ
هوية الإنسان بنفسه
إنّ هوية البدن وتشخصه إنّما يكون بنفسه
لا بجرمه ، فزيد مثلاً زيد بنفسه لا بجسده ، ولأجل ذلك يستمر وجوده وتشخّصه
مادامت النفس باقية فيه ، وإن تبدّلت أجزاؤه وتحولت لوازمه ، من أينه
وكَمّه وكيفه ووضعه ومتاه ، كما في طول عمره ; وكذا القياس لو تبدلت صورته
الطبيعية بصورة مثالية ، كما في المنام ، وفي عالم القبر والبرزخ إلى يوم
البعث ، أو بصورة أُخروية كما في الآخرة ، فانّ الهوية
الإنسانية في جميع هذه التحوّلات والتقلّبات واحدة هي هي بعينها ، لأنّها
واقعة على سبيل الاتصال الوحداني التدريجي ، ولا عبرة بخصوصيات جوهرية
وحدود وجودية واقعة في طريق هذه الحركة الجوهرية ، وإنّما العبرة بما
يستمرّ ويبقىٰ
وهي النفس لأنّها الصورة التمامية في الإنسان التي هي أصل هويته وذاته ،
ومجمع ماهيته وحقيقته. [١]
وعلى هذا فالإنسان في حركته الجوهرية من
الجماد إلى النبات ، ومنه إلى الحيوان ، ثمّ الإنسان ، وإن مرّت به تلك
المراحل ، لكنّها ـ في الواقع ـ علل إعدادية لحصول النفس الإنسانية ، وعليه
تكون واقعية نفسها وحقيقتها الكمال الذي وصلت إليه في نهاية الحركة ،
فالإنسان هو الإنسان وإن تجرّد عن الجرم والجسم والجسد والبدن ، بشهادة
أنّه قد مرّ عليه أبدان وأجساد وهو بعدُ شخص واحد ووحدته محفوظة ، ولذا لو
جنىٰ في شبابه ولاقىٰ جزاءه العادل في
هرمه لا يكون ظلماً في حقّه.