روحاني لا جسماني بل
هي ساكتة عن هذا الأمر ، وإنّما يعلم ذلك من خلال الآيات الأُخرىٰ الدالّة على أنّ المعاد روحاني وجسماني.
بل هي ناظرة إلىٰ دفع الشبهة
العالقة في الأذهان ، وهي كيف يمكن جزاء الإنسان في النشأة الأُخرىٰ بالأعمال التي اكتسبها في النشأة الدنيا مع أنّه
بموته بطلت شخصيته وانفصمت وحدته.
فيجيب سبحانه بأنّ الحافظ للوحدة ، هو
وحدة الروح والنفس ، في أيّ بدن دخلت ، وبأي بدن حشرت ، فهناك صلة قويمة بين الحياتين.
نعم دلّت الآيات على أنّه سبحانه سيجمع
عظامه ورفاته فينشئ نفس ما أنشأه في الحياة الدنيوية.
هذا هو جواب الذكر الحكيم عن الشبهة ،
وهو مبني علىٰ تجرّد الروح عند الموت الذي يصحح بقاءه وإن فسدت مادته
وتناثرت أوصاله ، وهذا الجواب مدعم بدلائل عقلية دامغة ، وإليك بيانها :
البرهان الأوّل :
ثبات الشخصية في دوّامة التغيير
إنّ الإنسان منذ نعومة أظفاره إلىٰ
ريعان شبابه إلى كهولته وشيخوخته في دوامة التغيّرات والتحوّلات ، وهو أمر ملموس لكلّ إنسان.
وعلى الرغم من ذلك فثمة أمر ثابت غير
متغير يواكبه في جميع تلك التغييرات والتحولات وإليه ينسب أفعاله كلّها
التي صدرت منه طيلة حياته ، وهذا الأمر الثابت يعبّر عنه ب « أنا ».ويقول
كنت طفلاً رضيعاً ثمّ صرت مراهقاً
ثمّ