وفي آية أُخرى (إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً
شَاهِدًا عَلَيْكُمْ)[١].
والمراد شهادته على أعمال أُمّته من خير
وشر وصلاح وفساد ، وأداء الشهادة فرع تحمّلها ولا يتحمله إنسان إلاّ بعد
العلم بظواهر أعمالهم وبواطنها ، وخير نياتهم وشرّها ، وهذا يدل على سعة
علم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
بالظواهر والبواطن ، والحقائق والدقائق.
فيقع الكلام في تعيين ما هو المقصود من
المخاطبين ، فهل المراد الأُمّة الإسلامية قاطبة ؟ وعلى هذا يكون المشهود
عليهم هم الأُمم السالفة ، أو المراد شهادة بعض الأُمّة على بعض ؟
والظاهر انّ الثاني هو المتعيّن ، إذ لو
كانت الأُمّة الإسلامية أُمة صالحة برُمَّتها لصحت شهادتهم ، وأمّا إذا كانت غالبية الأُمة غير شاكرين ، كما يقول سبحانه : (وَلا تَجِدُ
أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)[٣]
فكيف تكون تلك الأُمة بعامتهم شهداء ؟!
فلا محيص عن كون المراد بعض الأُمّة لا
جميعهم ، وليس هذا البعض إلاّ من اختارهم الله سبحانه أئمّة على الأُمّة وحكّاماً على البلاد.
يقول الإمام الصادق عليهالسلام : فإن ظننت انّ الله عنىٰ بهذه
الآية جميعَ أهل القبلة من الموحدين ، أفترىٰ أنّ من لا تجوز شهادته في الدنيا علىٰ
صاع من تمر ،