فهل كلمة (بِغَيْرِ
حِسَابٍ)
قيد للفعل ، بمعنىٰ يوفّى الصابرون بغير حساب ؟ أو قيد لقوله : أجرهم ، أي يوفّى الصابرون أجراً هو بغير حساب ؟
فعلى الأوّل : فالصابرون غير مسؤولين
أبداً ، فانّ من يوفّى أجره توفية بغير حساب فهو يلازم عدم المحاسبة إذ لو كان هناك حساب لكانت التوفية بمقداره.
روى العياشي ، عن عبد الله بن سنان ، عن
أبي عبد الله عليهالسلام
، قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا نشرت
الدواوين ونصبت الموازين لم ينصب لأهل البلاء ميزان ولم ينشر لهم ديوان ، ثمّ تلا هذه الآية : (إِنَّمَا
يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ).
[٢]
الحساب التكويني
والتدويني
يُصنّف الحساب إلى تكويني وتدويني ،
والمراد من الأوّل أنّ عالم الكون خلق على نظم خاصة لا تتخلف ، فحركة الشمس
والقمر ، بزوغ النجوم وأفولها ، مهبّ الرياح وهبوط الأمطار ، واخضرار
الأشجار ، إلى غير ذلك من الآيات الكونية ، قد خلقت على نظام معين ، يقول
سبحانه : (الشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ)[٣]
، (وَالشَّمْسُ تَجْرِي
لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ). [٤]
وليس هذا من خصائص الظواهر الطبيعية
فحسب ، بل تتعدّاها إلى الحوادث الاجتماعية التي لها ارتباط وثيق بحياة الإنسان والمجتمع.