التناسخ عند القائلين به على أقسام
نطرحها علىٰ طاولة البحث :
أ. التناسخ المطلق
أو اللا محدود
يطلق التناسخ ويراد منه خروج النفس من
بدن إلىٰ بدن آخر على وجه الاستمرار وذلك ، لأنّ النفوس البشرية عند خروجها
من البدن ليست مجرّدة كاملة ، فلا مانع من تعلّقها ببدن آخر ، وثالث ،
ورابع ، وهكذا تستمر في تقمصها الأبدان.
يقول شارح حكمة الإشراق : ومن القدماء
من يقول بعدم تجرّد جميع النفوس بعد المفارقة ، وهم المترفون ب « التناسخية » فانّهم يزعمون أنّ النفوس
جرمية دائمة الانتقال في الحيوانات ، وهؤلاء أضعف الحكماء وأقلّهم تحصيلاً.
ثمّ أورد عليه بأنّ العناية الإلهية
تقتضي إيصال كلّ ذي كمال إلى كماله ، وكمال النفس الناطقة العلمي ،
صيرورتها عقلاً مستفاداً فيها جميع صور الموجودات ، والعملي تجرّدها عن
العلائق البدنية ، فلو كانت دائمة الانتقال كانت ممنوعة عن كمالها أزلاً
وأبداً ، وهو محال. [١]
وهذا النوع من التناسخ على طرف النقيض
من القول بالمعاد ، إذ لا ينقطع تعلّقها بالبدن الدنيوي مادامت موجودة ، فلا مجال للمعاد عندئذٍ.
ب. التناسخ النزولي
المحدود
القائل بهذا النوع من التناسخ يدّعي أنّ
النفوس علىٰ صنفين ، فصنف يبلغ
[١] شرح حكمة الإشراق
: شمس الدين محمد الشهرزوري : ٥١٩ ، بتحقيق حسين الضيائي التربتي.