الإشكال الرابع : لو كانت الإرادة صفة للذات ، لزم
قدم العالم
هذا هو الإشكال الرابع في طريق جعل
الإرادة من صفات الذات وحاصله : إنّ صفات الذات متّحدة معها ، فلو كانت الإرادة
صفة للذات ، يلزم قدم العالم لأنّ الإرادة لا تنفك عن مرادها فقدم الذات يلازم قدم
الإرادة وهو يلازم قدم المعلول وهو العالم.
يلاحظ عليه أوّلاً :
انّ الإشكال لا يختصّ بمن جعل الإرادة بمعناها الحقيقي وصفاً لذاته سبحانه ، بل
الإشكال يتوجه أيضاً على من فسّر إرادته بالعلم بالأصلح ، لاستناد وجود الأشياء إلى
العلم بالنظام الأتم الذي هو عين ذاته ، واستحالة انفكاك المعلوم عن العلّة أمر
بيّن من غير فرق بين تسمية هذا العلم إرادة أو غيرها ، فلو كان النظام الأصلح
معلولاً لعلمه ، والمفروض انّ علمه قديم ، لزم قدم النظام لقدم علّته.
وثانياً
: إذا قلنا بأنّ إرادته سبحانه عبارة عن
كونه مختاراً غير ملزم بواحد من الطرفين ، لا يلزم عندئذ قدم العالم إذا اختار
ايجاد العالم متأخّراً عن ذاته.
وثالثاً
: إنّ لصدر المتألّهين ومن حذا حذوه في
الاعتقاد بالإرادة الذاتية البسيطة المجهولة الكنه ، أن يجيب بأنّ جهلنا بحقيقة
هذه الإرادة وكيفيّة إعمالها ، يصدّنا عن البحث عن كيفيّة صدور فعله عنه ، وأنّه
لماذا خلق العالم حادثاً ولم يخلقه قديماً ؟
وها هنا نكتة نعلّقها على هذا البحث بعد
التنبيه على أمر وهو : انّ الزمان كمّ متّصل ينتزع من حركة الشيء وتغيّره من حال
إلى حال ، ومن مكان إلى مكان ، ومن صورة نوعية إلى اُخرى ، فمقدار الحركة عبارة عن
الزمان ، فلولا المادة وحركتها لما كان للزمان مفهوم حقيقي ، بل كان له مفهوم
وهمي. هذا ما أثبتته الأبحاث العميقة في الزمان والحركة ، وقد كان القدماء يزعمون
: إنّ الزمان يتولد من حركة