إنّ النظرة الفاحصة إلى المجتمع البشري
تكشف من أنّ الإلهيين يشكّلون الأكثرية الساحقة من الاُمم والشعوب ، وهم الذين
يعتقدون بوجود مبدأ أعلى للعالم وراء المادة وتخالفهم شرذمة قليلة تنكر ذلك بل
تنكر كلّ ماوراء الطبيعة ، وإنّما وصفناهم ـ بالقلّة ـ مع انّهم يشكلّون جماعة
كبيرة في العالم ، ويسمّونها معسكر الشرق بفئاته المختلفة ، لأنّ ذلك المعسكر قد
فرض على تلك الشعوب الالحاد والماديّة ، بحيث لو ارتفع الضغط لترى كيف خالط
الإيمان ضميرهم ، وأنّهم ما برحوا على صلة وثيقة بالدين بفطرتهم ، ولو تظاهروا
بالماديّة ، فإنما يتظاهرون تحت ضغط القوى المسيطرة عليهم التي ألجأتهم إلى ذلك [١].
وقد كان المتوقع من الإلهيين أن يشكلّوا
صفاً واحداً وأن لايختلفوا في ما يتعلّق بالمبدأ إلاّ أنّهم ـ مع الأسف ـ إختلفوا
في أبسط المسائل فضلاً عن العميقة منها ، وتفرقوا إلى مذاهب وشيع ، والسبب الأساسي
ـ لهذا الإختلاف هو تنازعهم في أسمائه سبحانه وصفاته وأفعاله ، وهذا هو المنشأ
الحقيقي لإفتراق الالهيين وظهور الديانات والمذاهب في المجتمع الإلهي.
[١] ترى أنّ غوربا
تشوف لمّا منح الحرّية النسبية لشعب الاتّحاد السوفيتي ارتفعت من جديد أصوات
المآذن في أجواء ذلك البلد ، وأقبل الناس حتّى الشباب منهم على القضايا الدينية ،
حتّى انّ وكالات الأنباء نقلت أخباراً عن بناء مساجد جديدة ، وقيام اجتماعات دينية
واسعة ، والمطالبة بمنح المزيد من الحرّيات الدينية والاعتقادية.