القصة لاستعراضه
بنحو مشروح ، وذلك لأجل إبراز العناية بهذا الجانب من القصة فانّها كانت مسألة
هامّة وكبيرة في حياة أكابر بني اسرائيل حيث جرت عليهم ما جرت ، وأنّه لولا دعاء
موسى لما عادت الحياة إليهم.
وعلى هذا فلا دلالة في سؤال موسى على
امكان الرؤية بعد كونه بسبب إصرار القوم وإلحاحهم ، وكان إقدامه لأجل تكبيتهم واسكاتهم.
ثمّ إنّ ما ذكرنا من تعدد السؤال هو
الظاهر من الحديث المروي عن علي بن موسى الرضا عليهالسلام
قال : إنّ كليم الله رجع إلى قومه ، فأخبرهم أنّ الله عزّ وجلّ كلّمه وقرّبه وناجاه
، فقالوا : لن نؤمن لك حتى نسمع كلامه كما سمعت ، فلمّا جاء بهم إلى الميقات وسمعوا
كلامه ، قالوا : لن نؤمن لك بأنّ هذا الذي سمعناه كلام الله حتى نرى الله جهرة ،
فلمّا قالوا هذا القول العظيم بعث الله عزّ وجلّ عليهم صاعقة فأخذتهم بظلمهم
فماتوا ، ثم أحياهم سبحانه بطلب من موسى ، فقالوا : إنّك لو سألت الله أن يريك أن
تنظر إليه لأجابك ، وكنت تخبرنا كيف هو فنعرفه حق معرفته فقال موسى : يا قوم إنّ
الله لا يرى بالأبصار ولا كيفيّة له ، وإنّما يعرف بآياته ، فقالوا : لن نؤمن لك
حتى تسأله ، فقال موسى يا ربّ إنّك قد سمعت مقالة بني إسرائيل ، فأوحى الله إليه
يا موسى إسألني ما سألوك ولن اُوآخذك بجهلهم ، فعند ذلك قال موسى : ربّ أرني أنظر
إليك [١].
كلام لصاحب « الكشّاف »
وهناك كلام ذكره علاّمة المعتزلة «
الشيخ محمود الزمخشري » صاحب الكشّاف ، والجواب عن الاستدلال بالآية مبني على وحدة
السؤال هذا نصّه :
« ما كان طلب الرؤية إلاّ لتكبيت هٰؤلاء
الذين دعاهم سفهاء وضلاّلاً وتبرّأ من فعلهم وليلقمهم الحجر ، وذلك انّهم حينما
طلبوا الرؤية أنكر عليهم ، وأعلمهم
[١] التوحيد للصدوق
، باب ما جاء في الرؤية ، الحديث ٢٣ ، نقلناه ملخّصاً.