١ ـ قوله سبحانه : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ
* إِلَىٰ
رَبِّهَا نَاظِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
بَاسِرَةٌ * تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ) ( القيامة /
٢٢ ـ ٢٥ ). وقد شغلت هذه الآية بال الأشاعرة والمعتزلة.
المثبّتون يصرّون على أنّ النظر في «
الناظرة » بمعنى الرؤية ، والنافون يصرّون بأنّه بمعنى الانتظار ، والفريقان
يتصارعان في تفسير الآية مستشهدين ببعض الأشعار والجمل.
غير انّا نضرب على الكلّ صفحاً لأنّ
البحث فيهما يستدعي تفصيلاً ، ولكن نلفت نظر المستدلّين بها إلى أمرين ولو تدبّروا
فيهما تدبر إنسان حر غير متأثّر بآراء قومه ونحلته ، لعرفوا أنّ الآية لا تدل على
مقصودهم بتاتاً.
١ ـ ترى أنّه سبحانه يقول : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ
* إِلَىٰ
رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) فينسب النظر إلى الوجوه لا العيون ،
فلو كان المراد أنّ أهل الجنة ينظرون إليه سبحانه ويرونه فلماذا نسب الرؤية إلى
الوجوه مع أنّه قائم بالعيون وهذا يدلّ على أنّ « ناظرة » في الآية وإن كانت بمعنى
الرؤية لكنها تهدف إلى معنى آخر غير الرؤية الحسّيّة ، وإنّ النظر في المقام كنظر
الفقير إلى الغني ، والخادم إلى مخدومه ، والمرؤوس إلى رئيسه فالكل ينظرون إلى
أسيادهم لكن نظراً معنوياً لا حسّياً.
٢ ـ إنّ الآيات تشتمل على جمل متقابلة ،
فلو كان هناك إجمال في احدى الجمل يصح تفسيره بمقابله ومقارنه الواضح ، وإليك
مقارنة هذه الجمل.
أ ـ « وجوه يومئذ
ناضرة »
يقابلها قوله : «
وجوه يومئذ باسرة »
ب ـ « إلى ربّها
ناظرة »
يقابلها قوله : «
تظن أن يفعل بها فاقرة ».
فلو كان هناك إبهام في أحد المتقابلين ،
يرفع بالمقابل إبهام المقابل الآخر ،