فكلّ إنسان يجد في قرارة نفسه وصميم
ذاته ووجدانه ميلاً وانجذاباً إلى قدرة فائقة يستمدّ منها العون عند الشدائد ونزول
المحن ، ويعتقد كونه قادراً على تخليصه ومساعدته وإمداده. إن وجود تلك الفطرة وذلك
الانجذاب حاك عن وجود تلك القدرة المطلقة ، وإلاّ يلزم لغويّة وجودها في الإنسان ،
وليس المراد منها التصوّر والتفكّر حتّى يقال إنّ الوهم لا يدلّ على وجود المتوهّم
بل المراد هو الميل الباطن والانجذاب الذاتي من دون محرّك وحافز ، فكل إنسان عند
ما يواجه المشاكل والشدائد يجد من أعماق نفسه أنّ هناك موجوداً قادراً عالماً
بمشاكله وهو قادر على دفعها عنه.
نعم بعد ما ارتفعت الشدّة ، وهدأت
الأوضاع ربّما يغفل عنها ، وهذا من خصائص الاُمور الفطرية حيث تتجلّى في ظروف
خاصّة وتتضاءل في ظروف اُخرى.
فالفطرة كما تهدي إلى أصل وجود الصانع ،
كذلك تهدي إلى صفاته.
الثاني : مطالعة النظام الكوني
إنّ مطالعة النظام الكوني بما فيه من
دقيق وجليل ، وما فيه من دقة وروعة ، وجمال وبهاء واتقان واحكام ، تهدي أنّ فاعله
وموجده قادر ، قام بفضل قدرته على ايجاد عالم بديع. وقد خدم العلم الحديث بتوضيح
هذا الوصف خدمة عظيمة ، وكلّما تكاملت العلوم الطبيعية ازداد علم الإنسان بسعة
قدرته سبحانه و