« إنّ كلّ موجود سواه ، ممكن ، وكلّ
ممكن فإنّه مستند إليه ، فيكون عالماً به سواء أكان جزئياً أم كلّياً ، كان
موجوداً قائماً بذاته أو عرضاً قائماً بغيره ، وسواء أكان موجوداً في الأعيان أو
متعقّلاً في الأذهان ، لأنّ وجود الصورة في الذهن من الممكنات أيضاً فسيتند إليه ،
وسواء كانت الصورة الذهنية صورة أمر وجودي أو عدمي ممكن ، أو ممتنع ، فلا يعزب عن
علمه شيء من الممكنات ولا من الممتنعات.
ثمّ انّ العلاّمة رحمهالله وصف هذا الدليل بأنّه برهان شريف قاطع [١].
والحاصل : انّ وزان الممكن بالنسبة إلى
الواجب وزان المعنى الحرفي بالنسبة إلى المعنى الاسمي ، ووزان الوجود الرابط
بالنسبة إلى الوجود التام المستقل ، فليس للمعلول واقعيّة سوى القيام والارتباط والتدلّي
بالعلّة.
فما سوى الله ـ ماديّاً ومجرّداً ،
جوهراً وعرضاً ـ مخلوق له ، فهو في عين الوجود قائم به قيام المعنى الحرفي بالمعنى
الاسمي ومرتبط به ، وما هذا هو حاله لا يمكن أن يكون غائباً عن الله مستوراً عليه
، لأنّه وجوده قائم بوجود العلّة ، كما يكون المعنى الحرفي قائماً بالمعنى الاسمي.
وإن شئت قلت : إنّ وزان الممكن بالنسبة
إلى الواجب وزان الفقير المطلق بالنسبة إلى الغني ، فالعالم بحكم فقره المطلق
محتاج إليه في وجوده وتحقّقه ، في حدوثه وبقائه ، وما هذا شأنه لا يمكن غيابه ،
لأنّ غيابه عن العلّة مساوق للإنعدام.
الثاني : سعة وجوده دليل على علمه بالاشياء
لقد أثبتت البراهين القاطعة على أنّ
وجوده سبحانه مجرّد عن المادة والمدّة ،