الرضا باليسير ،
يقولون : فرس « شكور » إذا كفاه لسمنه العلف القليل. وقال الراغب : الشكر تصوّر
النعمة واظهارها ، قيل وهو مقلوب الكشر أي الكشف ويضادّه الكفر وهو نسيان النعمة
وسترها ، ودابّة شكور : مظهرة بسمنها اسداء صاحبها إليها ، فالشكر على هذا هو
الامتلاء من ذكر المنعم ، وإذا وصف الله بالشكر فإنّما يعني به انعامه على عباده وجزاءه
بما أقاموه من العبادة ، يقال ناقة شكرة : ممتلئة الضرع من اللبن.
أقول : إذا كان الشكر بمعنى عرفان
الاحسان فما معنى توصيفه بأنّه « شاكر » أو « شكور » وهو المحسن إلى عباده المنعم
عليهم ؟
وبعبارة اُخرى : إذا كان الشكر هو
الثناء على المحسن فما معنى ثناؤه سبحانه على المحسن ولا محسن سواه ؟
وبعبارة اُخرى : إذا كان الشكر هو
مقابلة من أحسن اليه بالاحسان ، فكيف يصدق هذا في حقّه سبحانه فمن الذي يحسن اليه ؟
ولو اُحسن اليه بشيء ، فهو ملكه لا ملك المُحسِن ، ولأجل ذلك ذهب بعض المفسّرين
إلى أنّ تسميته بكونه شاكراً أو شكوراً من باب المجاز ، والمراد مجازاة الشاكر
بالثواب فهو سبحانه يقبل شكر الشاكر بالجزاء عليه.
قال الصدوق : إنّه سبحانه لمّا كان
مجازياً للمطيعين على طاعتهم جعل مجازاتهم شكراً لهم على المجاز كما سمّيت مكافأة
المنعم شكراً [١].
ويمكن أن يقال : إنّ الاستعمال من باب
الحقيقة استلهاماً من قوله سبحانه : (إِن
تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ
شَكُورٌ حَلِيمٌ).
فكما أنّ نسبة الإستقراض عليه بنوع من
التوسع فهكذا توصيفه سبحانه بكونه شاكراً أو شكوراً به أيضاً.