إنّ للكون هدفاً ، كما أنّ لخلق الإنسان
هدفاً كذلك ، وليس الهدف من خلق الإنسان إلاّ أن يتكامل في جميع أبعاده ، وما بعث
الأنبياء وانزال الكتب والشرائع إلاّ لتحقيق هذا الهدف العظيم ، والغاية السامية.
ولمّا كانت المعاصي والذنوب من أكبر
الأسباب التي توجب بعد الإنسان عن الهدف الذي خلق الإنسان من أجله ، وتعرقل مسيرة
تكامله ، لأنّ الذي يعيش طيلة حياته في الكذب والنفاق وغيرها من المعاصي لا يمكن أن
يتوصّل إلى هدف الخلقة بل يبقى كالحيوان غائب الرشد سادر الفكر ، كان لابدّ من
صدمة تعيده إلى رشده ، وتردّه إلى صوابه ، وكذلك تفعل البلايا والمصائب فإنّها
بقطعها نظام الحياة وايقافها للإنسان العاصي على نتائج أعماله توجب رجوعه إلى
الحقّ وعودته إلى العدالة ، أو تدفعه إلى أن يعيد النظر في سلوكه ومنهجه في الحياة
على الأقل.
إنّ القرآن الكريم يشير إلى هذه الحقيقة
ـ بوضوح لا ابهام فيه ـ إذ يقول :
ويجدر بنا في ختام هذا البحث أن نشير
إلى نقطتين هامّتين :
الاُولى
: إنّ بقاء الحياة على نمط واحد ووتيرة
واحدة يوجب ملل النفس وكلل الروح وتعب العقل ، فلا تكون الحياة محبّبة لذيذة إلاّ
إذا تراوحت بين المرّ والحلو ، والجميل والقبيح ، والمحبوب والمكروه ، إذ لا يمكن معرفة
السلامة إلاّ عند