ثمّ انّه سبحانه أوضحه بقوله « الله » ولعلّه
لتفهيم طبقة اُخرى تليهم في المعرفة وهم الذين يرون الكثرة في الوجود وانّ هناك
واجباً وممكناً فاحتاج ضمير الإشارة إلى مميز وذلك هو قوله الله ، وعلى هذا
فالمجموع « هو الله » راجع إلى الطبقتين.
وأمّا الطبقة الثالثة الذين يجوّزون
الكثرة لا في الوجود بل في الإله ، فردّ سبحانه وهمهم بقوله « هو الله أحد »
لهدايتهم [١].
ثم انّه سبحانه كرر لفظة « أحد » في
سورة الإخلاص ووصف نفسه به مرّتين وقال : قل هو الله أحد ثم قال : ولم يكن له كفواً
أحد ، فهل اُريد من اللفظة في كلا الموردين معنى واحد أو اُريد معنيان ؟ وبعبارة
واضحة هل اللفظتان تشيران إلى قسم واحد من التوحيد أو إلى قسمين ، فالظاهر أنّ
الاية الثانية ناظرة إلى التوحيد الذاتي بمعنى انّه واحد لا مثيل له ولا نظير بل
لا يتصور له التعدد والاثنينية ، وأمّا الاية الاُولى فهي ناظرة إلى التوحيد
الذاتي لكن بمعنى البساطة ونفي التجزئة عن الذات.
وقد فسّره الصدوق بذلك في توحيده فقال :
الأحد معناه أنّه واحد في ذاته أي ليس بذي أبعاض ولا أجزاء ولا أعضاء [٢].
قال الطبرسي : الأحد هو الذي لا يتجزأ ولا
ينقسم في ذاته ولا في صفاته [٣].
ويقول الجزائري في « فروق اللغات » في
الفرق بين الواحد والأحد :
إنّ الواحد ، الفرد الذي لم يزل وحده ولم
يكن معه آخر ، والأحد الفرد الذي لا يتجزّأ ولا ينقسم.
يقول العلامة الطباطبائي (ره) :
« والأحد وصف مأخود من الوحدة كالواحد
غير أنّ الأحد إنّما يطلق على ما