لقد وقفت على دلائل عصمة الأنبياء في
تلقي الوحي وحان الحين للبحث عن عصمتهم عن المعصية. ونبحث في ذلك عن وجهتين :
العقلية والقرآنية :
العقل وعصمة
الأنبياء
إنّ القرآن الكريم يصرح بأنّ الهدف من
بعث الأنبياء هو تزكية نفوس الناس وتصفيتهم من الرذائل وغرس الفضائل فيها قال
سبحانه حاكياً عن لسان إبراهيم : (رَبَّنَا
وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ
وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ
الحَكِيمُ)[١] وقال سبحانه
: (لَقَدْ مَنَّ اللهُ
عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو
عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِكْمَةَ
وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)[٢].
والمراد من التزكية هو تطهير القلوب من
الرذائل وإنماء الفضائل ، وهذا هو ما يسمى في علم الأخلاق ب « التريبة ».
ولا شك أنّ تأثير التربية في النفوس
يتوقف على إذعان من يراد تربيته بصدق المربي وإيمانه بتعاليمه ، وهذا يعرف من خلال
عمل المربي بما يقوله ويعلمه وإلاّ فلو كان هناك انفكاك بين القول والعمل ، لزال
الوثوق بصدق قوله وبالتالي تفقد التربية أثرها ، ولا تتحقق حينئذ الغاية من البعث.
وإن شئت قلت : إنّ التطابق بين مرحلتي
القول والفعل ، هو العامل الوحيد لكسب ثقة الآخرين بتعاليم المصلح والمربي ، ولو
كان هناك انفكاك بينهما