سهواً لا يخل
بالوثوق ، وعلّق عليه الأردبيلي بقوله : « خصوصاً قبل البعثة » [١].
وأمّا غير الشيعة فقد عرفت نظرية
الاعتزال غير انّ الفاضل القوشجي يفصل بقوله : الجمهور على وجوب عصمتهم عما ينافي
مقتضى المعجزة ، وقد جوّزه القاضي سهواً ، زعماً منه انّه لا يخل بالتصديق المقصود
بالمعجزة وكذا عن تعمد الكبائر ، بعد البعثة ، وجوّزه الحشوية ، وكذا عن الصغائر
المنفرة لإخلالها بالدعوة إلى الاتباع ولهذا ذهب كثير من المعتزلة إلى نفي الكبائر
قبل البعثة أيضاً والمذهب عند محققي الأشاعرة منع الكبائر والصغائر الخسيسة بعد
البعثة مطلقاً ، والصغائر غير الخسيسة عمداً لا سهواً ، وذهب إمام الحرمين من
الأشاعرة وأبو هاشم من المعتزلة إلى تجويز الصغائر عمداً [٢].
هذه هي الأقوال المعروفة بين المتكلمين
وستعرف شذوذ الكل عن الكتاب والسنّة وحكم العقل غير القول الأوّل ، فنقول يقع
الكلام في مراحل :
المرحلة الأُولى :
عصمة الأنبياء في تبليغ الرسالة
ذهب الأكثرون من الجمهور والشيعة أجمع
إلى عصمتهم في تلك المرحلة ونسب إلى الباقلاني تجويز الخطاء في إبلاغ الرسالة
سهواً ونسياناً لا عمداً وقصداً ، وقال أبو الحسن عبد الجبار المعروف بالقاضي رئيس
الاعتزال في وقته ( المتوفّى سنة ٤١٥ ) : لا يجوز الكذب في ما يؤدّيه ( أي النبي )
عن الله تعالى ، لأنّه تعالى ، مع حكمته ، ومع أنّ غرضه بالبعثة تعريف المصالح ،
لو علم أنّه يختار الكذب في ما يؤديه لم يكن ليبعثه ، لأنّ ذلك ينافي الحكمة ،
ولمثل هذه العلة لا يجوز أن لا يؤدّيه ما حمله من الرسالة ، ولا أن يكتمه أو يكتم
بعضه.
[١] تعاليق المحقّق
الأردبيلي على شرح التجريد : ٤٦٤.