يصرف من السكون إليه
أو عن النظر في علمه ، نحو الكذب على كل حال ، والتورية والتعمية في ما يؤديه ،
والصغائر المستخفة [١].
وقال التفتازاني في شرح العقائد النسفية
: إنّهم معصومون عن الكفر قبل الوحي وبعده بالإجماع ، وكذا من تعمّد الكبائر عند
الجمهور خلافاً للحشوية ، وأمّا سهواً ، فجوّزه الأكثرون ; وأمّا الصغائر ، فيجوز
عمداً عند الجمهور ، خلافاً للجبّائي وأتباعه ، ويجوز سهواً بالاتفاق إلاّ ما يدل
على الخسّة [٢].
قال الفاضل القوشجي : إنّ المعاصي إمّا
أن تكون منافيةً لما تقتضيه المعجزة ، كالكذب في ما يتعلّق بالتبليغ أو لا ،
والثاني إمّا أن يكون كفراً أو معصية ; وهي إمّا أن تكون كبيرة كالقتل والزنا ، أو
صغيره منفرة كسرقة لقمة والتطفيف بحبة ، أو غير منفرة ككذبة وشتمة ; وكل ذلك إمّا
عمداً أو سهواً ، أو بعد البعثة أو قبلها [٣].
فنقول : أمّا الأوّل ، أعني : صدور
الكفر من المعصومين ، فلم يجوّزه أحد ، وما ربّما ينسب إلى بعض الفرق كالأزارقة من
تجويز الكفر على الأنبياء ، فالمراد من الكفر هو المعصية في مصطلح المسلمين ،
وانّما أطلقوا عليه لفظ الكفر ، لأجل اعتقادهم بأنّ كل معصية كفر ، قال الفاضل
المقداد : أجمعوا على امتناع الكفر عليهم إلاّ الفضيلية من الخوارج فإنّهم جوّزوا
صدور الذنب عنهم ، وكل ذنب عندهم كفر ، فلزمهم جواز الكفر عليهم ، وجوّز قوم عليهم
الكفر تقية وخوفاً ، ومنعه ظاهر ، فانّ أولى الأوقات بالتقية زمان بدء الدعوة
لكثرة المنكرين له حينئذ ، لكن ذلك يؤدي إلى خفاء الدين بالكلية [٤].