وألجمها بأشد الوجوه
عندما راودته من هو في بيتها (وَغَلَّقَتِ
الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) فأجاب بالرد
والنفي بقوله : (مَعَاذَ
اللهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[١].
وهذا موسى كليم الله وجد في مدين
امرأتين تذودان واقفتين على بعد من البئر ، فقدم اليهما قائلاً : ما خطبكما فقالتا
: انا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير ، وعند ذلك لم يتفكر في شيء إلاّ
في رفع حاجتهما ، ولأجل ذلك سقى لهما ثم تولّى إلى الظل قائلاً : (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ
خَيْرٍ فَقِيرٌ)[٢].
[٣]
وكم هناك من شواهد تاريخية على جهاد
الأنبياء وقيامهم بواجبهم أبّان شبابهم إلى زمان بعثتهم التي تصدت لذكرها الكتب
السماوية وقصص الأنبياء وتواريخ البشر.
فهذه العوامل ، الداخل بعضها في إطار
الاختيار والخارج بعضها عن إطاره أوجدت قابليات وأرضيات صالحة لإفاضة وصف العصمة
عليهم وانتخابهم لذلك الفيض العظيم ، فعندئذ تكون العصمة مفخرة للنبي صالحة للتحسين
والتبجيل والتكريم.
وإن شئت قلت : إنّ الله سبحانه وقف على
ضمائرهم ونيّاتهم ومستقبل أمرهم ، ومصير حالهم وعلم أنّهم ذوات مقدسة ، لو أُفيضت
إليهم تلك الموهبة لاستعانوا بها في طريق الطاعة وترك المعصية بحرية واختيار ،
وهذا العلم كاف لتصحيح إفاضة تلك الموهبة عليهم بخلاف من يعلم من حاله خلاف ذلك.
[٣] لاحظ قصة موسى
في دفعه القبطي المعتدي على إسرائيلي في سورة القصص الآيات : ١٥ ـ ٢٠ وفي ذلك يقول
: (رَبِّ
بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِّلْمُجْرِمِينَ) ( القصص :
١٧ ).