وممّا يزيد الطين بلّة ، والداء تفاقماً
، أنَّ هذا الفريق يظهرون الإسلام ويتظاهرون بالنصيحة له وللمسلمين ، ويدّعون أنّه
لابد من تفسير الدين بنحو يقبله المفكر الغربي ، ولا يستنكره الملحد الشرقي ،
وبالتالي : لا بد من تأويل اصطلاحاته وقضاياه بنحو يوافق المذاهب المادية ،
والقوانين الطبيعية ، بينما يسعى فريق آخر إلى التوفيق بين الدين ونظاماته في
الإدارة والحكم وغيرهما ، وبين الأنظمة الديمقراطية ، كما يريد بعضهم التوفيق بين
الدين ـ وهو دين إلهي ـ مع الأنظمة الماركسية الملحدة.
فالثقافة عند هؤلاء هو الترديد والتشكيك
في الحقائق المقبولة في الدين ، والّتي دلّت عليها نصوص الكتاب والسنّة ، ممّا لا
يمكن أن يعلل بالعلل ، وبالتالي إخضاع الدين لمعطيات الحضارة المادية الحديثة ،
ومقاييسها ، فإذن نحن في عصر يزداد فيه التخوّف من تعريض المفاهيم الدينية لخطر
التحريف والتأويل ، وإخضاع الدين للأهواء والأمزجة والأذواق الشخصية ، على أيدي
الجهّال والانهزاميين.
فما أحوجنا ـ في هذا العصر ـ إلى تبيين
مفاهيم الكتاب والسنّة ، وتثبيت ما أتى به الإسلام ، على حقيقته ، وإرجاع الناس
إلى النصوص ودلالاتها ، ورد المتشابهات إلى المحكمات ، في ضوء الكتاب العزيز
والسنّة المطهرة الشاملة لما ورد عن العترة الطاهرة.
ولقد نهض بهذه المهمة منذ أقدم العصور ـ
ولله الحمد ـ رجال من روّاد مذهب أهل البيت عليهمالسلام
وأصحابهم ممن دفعتهم غيرتهم الدينية إلى الدفاع عن حياض الشريعة المقدسة ، مع
الاحتفاظ بنصوص الكتاب والسنّة ، فأبقوا على مفاهيم الإسلام غضّة طرية ، ناصعة ،
ساطعة ، فشكر الله مساعيهم الجميلة