إنّ الشيعة الإمامية تعتقد بأنّ مصدر
التشريع هو الله الجليل وانّه ليس للنبيِّ ـ فضلاً عن الأئمّة ـ حق التشريع ،
وانّه محصور في حقه سبحانه ، وانّ الاعتقاد بذلك هو أحد مراتب التوحيد ودرجاته ،
وقد دلَّت الآيات على انحصار هذا الحق به سبحانه قال : (إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ
تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)[١].
وليست هذه الآية هي الآية الوحيدة في
هذا الباب ، بل هناك طائفة من الآيات تتحد معها في حصر الحاكمية بالله سبحانه كما
تحصر حق التقنين والتشريع به ، ومن أجل ذلك يندد القرآن باليهود والنصارى حيث
اتخذوا الأحبار والرهبان مصادر للتقنين بقوله سبحانه : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ
أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ)[٢]
، ومعنى الاعتقاد بربوبيتهم هو امتلاكهم زمام التحليل والتحريم ، مع أنّ زمامهما
بيده سبحانه لم يفوضهما لأحد.
قال الإمام الباقر عليهالسلام : « يا جابر انّا لو كنّا نحدّثكم
برأينا وهوانا لكنّا من الهالكين ، ولكنّا نحدّثكم بأحاديث نكتنزها عن رسول الله
كما يكتنز هؤلاء ذهبهم وفضتهم ».
وفي رواية أُخرى : « ولكنّا نفتيهم
بآثار من رسول الله وأُصول علم عندنا نتوارثها كابراً عن كابر ».
وفي رواية محمد بن شريح عن الصادق عليهالسلام : « والله ما نقول بأهوائنا ولا نقول
برأينا ولا نقول إلاّ ما قال ربُّنا ».