طال الفصل بين دعوة
النبي الأوّل ودعوة النبي الآخر الناسخ لشريعته ، كدعوة موسى بن عمران بالنسبة إلى
دعوة المسيح ، حيث إنّ الفصل بين الدعوتين يقرب من ثلاثة آلاف سنة ، فنسأل
الأُستاذ بأيّ دليل جعل النجاح شرطاً للرسالة الخالدة دون مطلقها مع أنّ بعض
الرسالات غير الخالدة ، كانت مستمرة حوالي ثلاث آلاف سنة ، أي أكثر ممّا مضى من
بعثة الرسول الأكرم إلى زماننا هذا ، فلو كان عدم النجاح في الرسالة الخالدة
دليلاً على وهن الدعوة في نظر الناس الذين جاءوا بعد مضي صاحبها بقرون ، فليكن عدم
الفوز والنجاح موهناً في نظر الناس في نظائر الرسالات الطويلة وان لم تكن خالدة ،
وعلى هذا الأساس يكون الكافرون بشرائع ، كشريعة موسى لأجل عدم نجاحه في طريق دعوته
، معذورين عند الله ، ولا أظن لمسلم واع أن يصحح ذلك الادّعاء ويعذر الكافرين
والمتولّين عن دعوة الأنبياء ، ولأجل ذلك يصبح منطق الأُستاذ فلسفة جديدة لم يسبق
إليها أحد من علماء الكلام ولا فلاسفة الإسلام.
النبي الأعظم كان
ناجحاً في دعوته
إنّ النبي الأكرم قد نجح في دعوته ،
ولكن ليس معنى نجاح دعوته هو عدالة كل من رآه أو سمع منه شيئاً أو صحبه يوماً أو
أياماً اوسنة اوسنتين ، إذ لا ملازمة بين نجاح الدعوة وعدالة من صحبه ، بل المراد
من نجاحه هو تأثيرها في أُمم العالم ، معاصرة كانت أم لاحقة ، والدعوة المحمدية
أثّرت في أُمم العالم وشعوبها وأصحابه والتابعين لهم بإحسان حتّى المنافقين من
أصحابه ، والكل أخذوا منه حسب قابليتهم واستعدادهم ، فقد بلغت عدّة من أصحابه إلى
القمّة كعلي بن أبي طالب ، وسلمان ، وأبي ذر ، والمقداد ، وخزيمة بن ثابت ، إلى
غير ذلك من أصحابه الكرام ، كمابلغت عدة منهم درجة المتوسطين في الإيمان والعمل ،
كما