وفاته ، ويجب على
الرسول أن يقدّم أمام العالم عدداً وجيهاًمن نماذج عملية ناجحة بنّاءة ، ومجتمعاً
مثالياً في أيامه ، لأنَّ الشجرة الّتي لم تؤت ثمارها اليانعة الحلوة ولم تتلقح
أزهارها العطرة الجميلة أيام شبابها ، وفي موسم ربيعها ( وهو عهد النبوّة ) لا
تعتبر شجرة مثمرة سليمة.
وكيف يسوغ لدعاة هذه الدعوة والدين
وممثليهما ـ الذين ظاهروا بعد أن مضى على عهد النبوّة زمن طويل ـ أن يوجهوا إلى
الجيل المعاصر والعالم الحاضر دعوة إلى الإيمان والعمل ، والدخل في السلم كافة وهم
عاجزون من تقديم نتائج حيّة باهرة للألباب ، مسلمة عند المؤرخين للمجهودات الّتي
بذلت في العهد الأوّل وفي فجر تاريخه في سبيل إبراز أُمّة جديدة وإنشاء جيل مثالي
يمثّل التعاليم النبوية أصدق تمثيل ويبرهن على تأثيرها ونجاحها [١].
وحاصل هذا الشرط الّذي ذكره مع ما فيه
من التعقيد في العبارة هو أنّ من شرائط النبوّة الخالدة أن يكون صاحبها ناجحاً في
تربية الجيل الأوّل وأصحابه الذين التفوا حوله ، إذ لولا ذلك لما صحّت لمن يجيء
بعد الرسول ، الدعوة إلى دينه ودعوته بحجة أنّ صاحب الدعوة إذا لم يكن موفقاً في
دعوته ، فكيف تكون دعوة الغير إلى سبيله ناجحة ومفيدة ؟
وبالتالي يجب أن يكون صحابته جيلاً
مثالياً رائعاً ، وهذا ما يقتضيه الدليل النفسي الاجتماعي ، مع أنّ الشيعة
الإمامية يخالفون هذا الرأي ويخطّئون الصحابة.
تحليل هذه النظرية
إنّ كمال الدعوة وصحتها يتمثل في قوّة
المحتوى ورصانة حجتها ، بحيث