وقيادته نابعة عنه ،
والظالم هو المتجاوز عن الحد ، المتمايل عن الصراط إلى اليمين والشمال [١] ، الواضع للشيء في غيرموضعه لا يصلح
لهذا المنصب وحدوده.
إنّ الظالم الناكث لعهد الله ، والناقض
لدساتيره وحدوده على شفا جرف هار لا يؤتمن عليه ، ولا تلقى إليه مقاليد الخلافة ،
ولا مفاتيح القيادة ، لأنّه على مقربة من الخيانة والتعدّي ، وعلى استعداد لأن يقع
أداة للجائرين ، فكيف يصح في منطق العقل أن يكون إماماً مطاعاً ، نافذاً قوله ،
مشروعاً تصرفه ، إلى غير ذلك من شؤون الإمامة ؟
٧. دلالة الآية على
عصمة الإمام
إنّ بعض المناصب والمقامات تعيّن شروطها
بنفسها ، فمدير المستشفى ، له شروط تختلف عن شروط قائد الجيش ، وهكذا غيرهما.
فالإمامة الّتي لا تنفك عن التصرّف في
النفوس والأموال ، وبها يناط حفظ القوانين ، يجب أن يكون القائم بها إنساناً مثالياً
مالكاً لنفسه ، وغرائزه ، حتى لا يتجاوز في حكمه عن الحد ، وفي قضائه عن الحق.
والمستفاد من الآية انّ الظلم بشتى
ألوانه مانع من النيل لمقام الإمامة ، لأنّ كلمة « الظالمين » بحكم كونها محلاّة
باللام تفيد الاستغراق في الأفراد ، فإذا كان الظالمون بعامة أفرادهم ممنوعين من
الارتقاء إلى هذا المقام ، يكون الظلم بكل ألوانه وصوره مانعاً عن الرقي والنيل
لهذا المنصب الإلهي ، فالاستغراق في جانب الأفراد يستلزم الاستغراق في جانب الظلم
وأقسامه وتكون النتيجة مانعية كل فرد
[١] ونعم ما قال
الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام
: « اليمين والشمال مضلّة ، والطريق الوسطى هي الجادة ». ( نهج البلاغة : قسم
الخطب ، الرقم ١٥.