وإن شئت قلت : إنّ المقصود من قوله
سبحانه : (إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ
للهِ يَقُصُّ الحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ)[١] ، وقوله : (أَلا لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ
الحَاسِبِينَ)[٢]
، وقوله سبحانه : (لَهُ
الحَمْدُ فِي الأُولَىٰ وَالآخِرَةِ وَلَهُ الحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)[٣] ، هو حصر الولاية وحق الحاكمية لا
الإمرة والتصدّي لنظام البلاد ، إذ يستحيل ممارسة الحكم من الله تعالى بصورة
مباشرة ، ولأجل ذلك نجد جمعاً من الأنبياء تولّوا منصة الولاية بإذن الله وأخذوا
بتدبير شؤون الحياة الاجتماعية للإنسان ، ففي هذا الصدد يقول سبحانه : (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي
الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالحَقِّ)[٤].
فالرسول الّذي يحظى بمقام تنفيذ الولاية
الإلهية في المجالات المختلفة بين الناس ، هو الإمام المفترضة طاعته ، ولا يحظى به
إلاّ ثلة من المصطفين الأخيار ، وإليك الشواهد القرآنية الّتي تدل بوضوح على أنّ
ملاك الإمامة في هذه الآية ـ لا مطلقاً ـ هو كونه مثالاً في القول والعمل ، وعلى
الأُمّة طاعته في كل ما يأمر وينهى ويبرم وينقض ، فهو أُسوة في الحياة وقدوة
للجميع.
الشواهد القرآنية على تفسير
الإمامة بافتراض الطاعة
إنّ تفسير ملاك الإمامة بافتراض الطاعة
والقيادة الإلهية الحكيمة شيء تؤيده الآيات التالية بل تثبته.