وقال العلاّمة الطباطبائي في « الميزان
» : إنّ الآية مسوقة لبيان أنّ ما عنده صلىاللهعليهوآلهوسلم
الذي يدعو إليه إنّما هو من عند الله سبحانه لا من قبل نفسه وإنّما أُوتي ما أُوتي
من ذلك ، بالوحي بعد النبوة ، فالمراد بعدم درايته بالكتاب عدم علمه بما فيه من
تفاصيل المعارف الاعتقادية والشرائع العملية ، فإنّ ذلك هو الذي أُوتي العلم به
بعد النبوّة والوحي ، والمراد من عدم درايته الإيمان ، عدم تلبسه بالالتزام
التفصيلي بالعقائد الحقة والأعمال الصالحة ، وقد سمى العمل إيماناً في قوله تعالى
: (وَمَا كَانَ اللهُ
لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ)[٢]
، والمراد الصلوات التي أتى بها المؤمنون إلى بيت المقدس قبل النسخ ، والمعنى ما
كان عندك قبل وحي الروح ، علم الكتاب بما فيه من المعارف والشرائع ولا كنت متلبساً
به بما أنت متلبس به بعد الوحي من الالتزام التفصيلي والاعتقادي ، وهذا لا ينافي
كونه مؤمناً بالله موحداً قبل البعثة صالحاً في عمله ، فإنّ الذي تنفيه الآية هو
العلم بتفاصيل ما في الكتاب والالتزام بها اعتقاداً وعملاً ، لا نفي العلم
والالتزام الإجماليين بالإيمان بالله والخضوع للحق [٣].
الآية الرابعة : عدم
رجائه إلقاء الكتاب إليه
قال تعالى : (وَمَا كُنتَ تَرْجُوا أَن يُلْقَىٰ
إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلاَّ رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيرًا
لِّلْكَافِرِينَ)[٤].