والقذارة المعنوية ،
فيحتمل أن يكون المراد هو الأوّل ، وقد ورد في الروايات أنّ أبا جهل جاء بشيء قذر
ونادى أصحابه ، وقال : هل فيكم رجل يأخذه مني ويلقيه على محمد ؟ فأخذه بعض أصحابه
فألقاه عليه ، فحينئذ تكون الآية ناظرة إلى تطهير الثوب عن الدنس ، وإن أُريد
القذارة المعنوية فالمراد هو الاجتناب عن الأفعال والصفات الذميمة ، فإنّ الآية
نزلت للتعليم فلاتدل على اتصاف النبي الأكرم بها.
ج. الرجز بمعنى الصنم : نفترض أنّ
المقصود منه في الآية هو الصنم لكن لا بمعنى أنّه وضع لذاك المعنى ، وإنّما وضع
اللفظ لمعنى جامع يعم الصنم والخمر والأزلام ، لاشتراك الجميع في كونها رجزاً ،
ولأجل ذلك وصف الجميع في مورد آخر بالرجس فقال : (إِنَّمَا
الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ
الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ)[١].
ولكن الجواب عن هذه الصورة هو الجواب عن
الصورتين الأُوليين ، والشاهد على ذلك أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
يوم نزلت الآية لم يكن عابداً للوثن ، بل كان مشمّراً لتحطيم الأصنام ومكافحة
عبدتها ، فلا يصح أن يخاطب من هذا شأنه ، بهجر الأصنام إلاّ على الوجه الذي أوعزنا
إليه.