وقد بسط الكلام في هذا المقام السيد
المرتضى في « ذريعته » وتلميذه الجليل في « عدّته » فاختارا القول الثاني وأوضحا
برهانه [١].
غير انّي أرى البحث في ذلك عديم الفائدة
، لأنّ المسلمين اتفقوا على أنّه بعد البعثة ، ما كان يقول إلاّ ما يوحى إليه ،
ولا يصدر عنه شيء إلاّ عن هذا الطريق ، فإذا كان الواجب علينا اقتفاء أمره ونهيه ،
والعمل بالوحي الذي نزل عليه ، فأي فائدة في البحث عن أنّه هل كان ما يأمر به
وينهى عنه ، صدر عن التعبّد بشريعة من قبله ، أو صدر عن شريعته ؟ إذ الواجب علينا
الأخذ بما أتى به ، بأي لون وشكل كان ، وفي ذلك يقول المحقّق الحلّي : إنّ هذا
الخلاف عديم الفائدة ، لأنّا لا نشك أنّ جميع ما أتى به لم يكن نقلاً عن الأنبياء
، بل عن الله تعالى بإحدى الطرق الثلاث التي أُشير إليها في قوله سبحانه : (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ
إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ
بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)[٢].
فإذا كان صلىاللهعليهوآلهوسلم
لا يصدر عنه شيء إلاّ عن طريق الوحي ، فلا تترتب على البحث أيّة فائدة ، فسواء
أكان متعبداً بشرع من قبله أم لم يكن ، فهو صلىاللهعليهوآلهوسلم
لا يأمر ولا ينهى إلاّ بإذنه سبحانه [٣].