ولكن مع ذلك لا يبغيان ، أي لا يتجاوز
أحدهما حدّه فيغلب على الآخر بخاصيته ، فلا الروح المجرّدة تجرّد البدن وتخرج به
وتجعله من جنسه ، ولا البدن يجسّد الروح ويجعله مادياً [١].
تجد نظائر هذا في كتبه ، كالفتوحات
المكية ، والفصوص ، فيطبّق كثيراً من الآيات القرآنية على كثير من نظرياته الصوفية
، وقد مني الإسلام بأصحاب الجمود في القرون الأُولى وحتى الآن ، كما مني بالمؤوّلة
من الباطنية والمتصوّفة من أوائل القرن الثالث حتى الآن.
التأويل باسم
التفسير العلمي
غير أنّ التأويل قد اتخذ في العصر
الحاضر لوناً خاصّاً واسماً فخماً ، يطلق عليه التفسير العلمي ، فالغاية عند هذه
الطبقة إخضاع القرآن للمكتشفات العصرية فيما يتعلق بالأجرام السماوية والأرضية ،
والحيوانات والنباتات ، والجواهر المعدنية ، وقد ظهرت هذه النزعة في أواخر القرن
الثالث عشر الهجري ، وأُلّفت هناك كتب أبسطها كتاب « الجواهر في تفسير القرآن الكريم
» للشيخ طنطاوي جوهري المصري.
لكن التفسير بهذا النمط ، إنّما يستحسن
إذا وافق ظاهر الآية ، غير أنَّ المؤلفين في هذا القسم لا يكتفون بذلك بل يفسرون
القرآن لغاية إخضاعه للمكتشفات ، ترى أنّهم يفسرون قوله سبحانه : (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ)[٢] بالميكروب ، وقد ناقشنا هذا اللون من
التفسير في بعض مسفوراتنا.