إنّ أُمّة يونس هي الأُمّة الوحيدة التي
نفعها إيمانها قبل نزول العذاب وكشف عنهم ، وذلك لأنّ « لولا » التحضيضية إذا دخلت
على الفعل الماضي تفيد معنى النفي ، كما في قولك : هلا قرأت القرآن ، وعلى ذلك
يكون معنى قوله سبحانه : (فَلَوْلا
كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ) انّه لم يكن ذلك أبداً ، فاستقام
الاستثناء بقوله : (إِلاَّ
قَوْمَ يُونُسَ) ، والمعنى هلا كانت قرية من هذه القرى
التي جاءتهم رسلنا فكذبوهم آمنت قبل نزول العذاب فنفعها إيمانها ، لكن لم يكن شيء
من ذلك إلاّ قوم يونس لمّا آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي.
ولا شك أنّه قد نفع إيمان قوم يونس ولكن
لم ينفع إيمان فرعون ، وعندئذ يُطرح هنا السؤال التالي : ما الفرق بين الإيمانين ؟
حيث نفع إيمانهم دون إيمان الثاني وأتباعه ، يقول سبحانه : (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ
فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّىٰ إِذَا
أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلَٰهَ إِلاَّ الَّذِي
آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ
* آلآنَ
وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ المُفْسِدِينَ
* فَالْيَوْمَ
نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ
النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ)[٢].