عليه ، قال سبحانه :
(لا تُشْرِكْ بِاللهِ
إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[١].
٣.
وأمّا الجملة الثالثة ، أعني قوله : (فَاغْفِرْ
لِي فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) ، فليس طلب
المغفرة دليلاً على صدور المعصية ، لأنّه بمعنى الستر ، والمراد منه إلغاء تبعة
فعله وإنجاؤه من الغم وتخليصه من شر فرعون وملائه ، وقد عبر عنه سبحانه : (وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ
الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا)[٢] ، وقد نجّاه سبحانه بإخبار رجل من آل
فرعون عن المؤامرة عليه ، فخرج من مصر خائفاً يترقّب إلى أن وصل أرض مدين ، فنزل
دار شعيب ، وقص عليه القصص ، وقال له شعيب : (لا تَخَفْ
نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)[٣].
وبذلك غفر وستر عمله ونجاه سبحانه من
أعين الفراعنة ، ومكّن له الورود إلى ماء مدين والنزول في دار أحد أنبيائه عليهمالسلام.
أضف إلى ذلك : أنّ قتل القبطي وإن لم
يكن معصية ولكن كان المترقب من موسى تركه وعدم اقترافه ، فصدور مثله من موسى يناسب
طلب المغفرة ، فإنّ حسنات الأبرار سيئات المقربين ، إذ ربّ عمل مباح لا يؤاخذ به
الإنسان العادي ولكنّه يؤاخذ به الإنسان العارف ، فضلاً عن شخصية إلهية سوف تبعث
لمناضلة طاغية العصر ، فكان المناسب لساحتها هو الصبر والاستقامة في حوادث الحياة
، حلوها ومرّها ، والفصل بين المتخاصمين بكلام ليّن ، وقد أمر به عند ما بعث إلى
فرعون فأمره سبحانه أن يقول له قولاً ليناً [٤]
، وقد أوضحنا مفاد هذه الكلمة عند