إنّ الذكر الحكيم يشتمل على معارف
وأُصول كما يشتمل على أحكام وفروع ، والغاية المتوخّاة من المعارف والأُصول ، هي
تحصيل العلم والمعرفة أوّلاً ، والإذعان والإيمان ثانياً ، كما أنّ الهدف من تشريع
الأحكام والفروع هو الدعوة إلى العمل والتطبيق.
فلو كان شرف كل علم بشرف موضوعه ،
فالعلم الأوّل ـ بما أنّه يبحث عن معرفة الله سبحانه ومعرفة أسمائه وصفاته وأفعاله
وما ينبغي له وما لا ينبغي له ـ يكون هو الأشرف والفقه الأكبر ، كما أنّ العلم
الثاني ـ بما أنّه يبحث عن حكمه سبحانه بما يتعلّق بأفعال العباد ـ يكون هو الفقه
الأصغر. ولكلٍّ أئمّةٌ وقادة مفكرّون ، وكثيراً ما يكون الإنسان إماماً في باب
المعارف والعقائد ، وفي الوقت نفسه يكون غير رفيع المستوى في باب معرفة الأحكام ،
وربّما يكون على العكس ، فالكل إذا تكلموا فيما أحسنوا ، أرشدوا إلى الطريق المهيع
والحق المبين ، فإذا نطقوا في غيره أتوا بما تندهش منه العقول ويقضي منه العجب [١].
فاللازم على روّاد العلم حسب ما أمر به
الرسول من تنزيل كل أمرئ
[١] قال أمير
المؤمنين عليهالسلام : « لو سكت
من لا يعلم لرفع الاختلاف » لاحظ درر الحكم للآمدي.