وَنِسَاءً)[١] فالمراد من (نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) هو آدم ،
ومعنى خلق الزوجة منها كونها من جنسها ، والدليل على أنّ المراد هو الواحد الشخصي
قوله : (وَبَثَّ مِنْهُمَا
رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً) والمعنى أنّه سبحانه خلق الخلق من أب
واحد وأُم واحدة ، فهذه الجماهير على كثرتها تنتهي إليهما ومثله قوله سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)[٢].
الثاني
: ما أُريد منه الواحد النوعي أي الأب
لكل إنسان ومثله الأُم ، وذلك مثل قوله : (خَلَقَكُم
مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ
الأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ
خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ)[٣] ، فالمراد من (نَفْسٍ وَاحِدَةٍ) هو الواحد
النوعي ، والمراد أنّ كل واحد منّا قد ولد من أب واحد وأُم واحدة ، والدليل على
ذلك قوله سبحانه : (يَخْلُقُكُمْ
فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ).
ومثلها الآية المبحوث عنها في المقام ،
إذ ليس المراد منها شخص آدم أبي البشر بعينه ، بل المراد والد كل إنسان ووالدته ،
فالجنسان يتقاربان ويتولد منهما الولد ، وتدل على ما اخترنا من المعنى قرائن في
نفس الآيات.
الأُولى
: انّ الآية وقعت في عداد الآيات التي
تعرب عن الميثاق الذي أعطاه الإنسان لربّه في شرائط خاصّة ولكنّه حينما نال النعم
ورفل فيها ، طفق ينقض ميثاقه ، وهذه طبيعة الإنسان المجهز بالغرائز ، ويشير إليها
قوله سبحانه : (وَإِذَا
أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَىٰ بِجَانِبِهِ وَإِذَا
مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعَاءٍ عَرِيضٍ)[٤] ،