فقد اختار من بين الموضوعات أوّلاً ما
يتصل بالله سبحانه ، وصفاته وأفعاله ، والنبوات العامة والخاصّة ، فلأجل ذلك قام
بطرح مباحث التوحيد في الجزء الأوّل في اثني عشر فصلاً على وجه بديع.
ولقد أعجبني من هذه الفصول الفصل
المعقود لتفسير التوحيد في العبادة ، وما يتميّز به ما يشبه العبادة عن غيره ، فقد
اعتمد في هذا المبحث على ضابطة قيّمة استنبطها من الذكر الحكيم.
ولما انتهى بحثه في هذا الجزء إلى قسم
خاص من التوحيد وهو «
التوحيد في الحاكمية » وانّ الحكم حق مختص
بالله سبحانه ، لا يناله غيره إلاّ بإذنه ، جعل مدار البحث في الجزء الثاني « معالم الحكومة
الإسلامية » باسلوب رائق وطريقة
جديدة في نوعها ، إلى غير ذلك ممّا يراه القارئ في أجزاء هذا الكتاب القيّم من
الموضوعات الهامّة.
أضف إلى ذلك كلّه أنّ الكتاب يشتمل على
مزايا أُخرى قيّمة في ذاتها ، منها الصراحة في البحث ، وطرح المباحث بقلم واضح
بعيد عن التعقيد ، والإيجاز المخل ، والإطناب الممل.
ومنها الحفاظ على المفاهيم الإسلامية من
دون أيّ تحوير فيها وتغيير ، والتحرّز عن المناهج المزيجة الملفقة ، الّتي تأخذ من
الإسلام شيئاً ، ومن المناهج غير الإسلامية شيئاً آخر ، فتمزجهما وتقدّم المجموع
الملفّق باسم الإسلام ، من المناهج الّتي لها الضرر الكثير على الإسلام وأهله ،
أعاذنا الله من شرور هذه الفكرة وخطورة هذه المناهج.