الصالح ما يشوشه ،
ويكون فتنة للذين في قلوبهم مرض ، كما ألقى بين أُمّة موسى من الضلال والغواية ما
ألقى ، وألقى بين أتباع المسيح ما أوجب ارتداد كثير منهم ، وشك خواصهم فيه
واضطرابهم في التعاليم ، وأحكام الشريعة بعده ، وألقى بين قوم رسول الله ما أهاجهم
على تكذيبه وحربه وبين أُمّته ما أوجب الخلاف وظهور البدع فينسخ الله بنور الهدى
غياهب الضلال وغواية الشيطان ، فيسفر للعقول السليمة صبح الحق ، ثم يحكم الله آياته
ويؤيد حججه بإرسال الرسل ، أو تسديد جامعة الدين القيم [١].
وما ذكره ـ قدّس الله سرّه ـ كلام لا
غبار عليه ، وقد شيدنا أساسه فيما سبق.
إلى هنا تبيّن مفاد جميع مقاطع الآية
بوضوح وبقي الكلام في التفسير السخيف الذي تمسك به بعض القساوسة الطاعنين في الإسلام
، ومن حذا حذوهم من البسطاء.
التفسير الباطل
للآية
ثمّ إنّ بعض القساوسة الذين أرادوا
الطعن في الإسلام والتنقيص من شأن القرآن ، تمسّكوا بهذه الآية وقالوا : بأنّ المراد
من الآية هو انّ « ما من رسول ولا نبي إلاّ إذا تمنّى وتلا الآيات النازلة عليه
تدخل الشيطان في قراءته فأدخل فيها ما ليس منها » واستشهدوا لذلك التفسير بما رواه
الطبري عن محمد بن كعب القرضي ، ومحمد بن قيس قالا : جلس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ناد من أندية قريش كثير أهله فتمنّى
يومئذ أن لا يأتيه من الله شيء فينفروا عنه ، فأنزل الله عليه (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ
* مَا ضَلَّ
صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ)[٢] فقرأها صلىاللهعليهوآلهوسلم
حتى إذا بلغ : (أَفَرَأَيْتُمُ
اللاَّتَ وَالْعُزَّىٰ * وَمَنَاةَ
الثَّالِثَةَ الأُخْرَىٰ)[٣] ألقى عليه الشيطان كلمتين : « تلك