وقد خاطب الله سبحانه نبيه الكريم في
كتابه المجيد بقوله : (يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ) في مواضع كثيرة ، أو أطلق عليه النبي ،
فهل ترى من نفسك أن تقول : إنّ ذلك الإطلاق إنّما هو بملاك الإيحاء إليه في المنام
، مع أنّ الإيحاء إليه إنّما كان بنزول الملك ـ دائماً أو غالباً ـ كما هو ظهور
قوله سبحانه : (نَزَلَ
بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَىٰ قَلْبِكَ
لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ)[١].
على أنّه يمكن أن يقال : إنّ تلك الرؤيا
وما تقدم عليها وإن كان اطلاعاً منه على الغيب ولكنه لم يكون وحياً مصطلحاً ، وليس
مطلق الكشف ومجرد الشهود والرؤيا الصادقة ، وحياً مصطلحاً.
وإن أراد أنّ النبي مطلق من يصل إليه
الخبر من جانب الله ويطلع على الغيب بواحد من الطرق التي ألمحنا إليها ، وإليها
يشير قوله سبحانه : (وَمَا
كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ
أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ)[٤] وانّ الإيحاء في المنام أحد هذه الطرق
، فهو حق في جانب النبي وتعاضده اللغة وموارد الاستعمال ، فالنبي مطلق المطّلع على
الغيب