المعنى بصورة شوهاء
، وشتان بين كاتب يكتب بدافع الإيمان والعقيدة طلباً للحقيقة ، وكاتب مستأجر لا
هدف له إلاّ دعم ما نوى واضمر ، وتحكيم ما أُستوجر عليه ، وذلك يفرض عليه اختلاق
الأوهام ونحت الأكاذيب التي يتحير عندها العقل والفكر.
نعم حرّف هؤلاء [١] ما أُثر عن القوم في المقام فقالوا :
النبي هو الذي ينبئ عن الله وليس معه كتاب ، والرسول هو الذي بُعث إلى الناس
وأُنزل معه كتاب ، أو أنّ النبي هو الذي يقرّر الشريعة السابقة فقط ، والرسول هو
الذي يأتي بشريعة مستقلة [٢]
، وعلى هذا تصير النسبة بين المفهومين ، هي التباين ، يفختص النبي بمن ليس له كتاب
أو من يقرر شريعة من قبله.
ومن الواضح أنّ هذا القول باطل تماماً ،
فهذا هو الذكر الحكيم قد خاطب نبي الإسلام المبعوث بأفصح الكتب وأحكمها وقد تضمن
شريعة مستقلة عن غيرها من الشرائع ، بقوله : (يَا
أَيُّهَا النَّبِيُّ) فهل يمكن لهؤلاء الكتّاب المستأجرين أن
ينكروا نزول الكتاب إليه أو مجيئه بشريعة مستقلة. فدونك نص ما خاطبه سبحانه بلفظ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ) :
[٢] الفرائد : ١٣٥ ،
نعم نقل هذا الفرق الجزائري في فروقه : ١٠٦ قولاً ولا يعبأ بهذا النقل تجاه تلكم
التصاريح المضادة له ، وأضعف منه ، ما نقله في تفسير الجلالين في تفسير قوله تعالى
: (وَمَا
أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ) من أنّ
الرسول هو من أُمر بالتبليغ ، ولا يخفى شذوذ هذا القول ، كسابقه ، ومضادتهما مع
تصاريح أئمّة الأدب والتفسير.
ومما يثير العجب ما ذكره
الطنطاوي بقوله : الرسول هو الذي معه كتاب ، والنبي ينبئ عن الله وليس معه كتاب ،
فمثال الأوّل موسى ، والثاني يوشع ، فيوشع نبي لا رسول وانّما ينبئ قومه وموسى ينبئ
قومه بكتاب معه أُرسل به من الله ... الجواهر : ١٠ / ٤٠ ، إذ فيه مع ضعف القول في
نفسه أنّ ليوشع كتاباً معروفاً طبع مع كتب العهدين.