إنّ القرآن يصرح بأنّ النبي كلّما أتى
لقومه بمعجزة طالبوه بمعجزة أُخرى ، وأصرّوا على أن تكون معاجزه مثل ما أُوتي رسل
الله من قبل ، وهذا يدل على أنّ الرسول أظهر معاجز غير القرآن فوقع مورد الاعتراض
والإصرار.
فلنقف على المراد من لفظ (آيَةٌ) الواردة في
هذا المورد ، فليس المراد منها نفس القرآن ، ولا الآية القرآنية ، لأنّ لفظ الآية
كما ترى جاءت بصورة النكرة ، وهي تكشف عن نوع خاص منها ، بينما إذا كان المقصود هو
القرآن أو الآية القرآنية ، كان ينبغي أن يكون الكلام على نحو آخر ، والآية نظير
قوله سبحانه : (وَلَوْ
جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ)[٢].
والمقصود منها : كل آية معجزة ، تثبت
صلة الرسول بالله سبحانه نظير قوله سبحانه : (وَلَئِنْ
أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ)[٣].
إنّ لفظ الآية يستعمل في القرآن في
موارد :
١. العلامة المطلقة : فيقال هذا آية ذلك
، قال سبحانه : (وَكَأَيِّن
مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا
مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ
أَكْثَرُهُم بِاللهِ إِلا وَهُم مُشْرِكُونَ)[٤].