وعلى ذلك فالمراد من إيمانهم بموسى ،
إيمانهم بأنّه مبعوث من الله سبحانه لهداية بني اسرائيل وانقاذهم من العذاب ، لا
إيمانهم بأنّه نبي بعث إلى القبطيين وبني اسرائيل جميعاً كما هو المدّعى.
ولقائل أن يقول : إنّه إذا لم يكن
مبعوثاً إلى فرعون وملائه فلماذا أمر الله سبحانه موسى وأخاه هارون بقوله : (فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ
يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ) ( طه ـ ٤٤ )
وقوله : (اذْهَبْ إِلَىٰ
فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ
* فَقُلْ هَل
لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ
* وَأَهْدِيَكَ
إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ) ( النازعات
: ١٧ ـ ١٩ ).
وتمكن الاجابة عنه بأنّ الذهاب إليه
وتذكيره وتحذيره لأجل أن يعلم فرعون بأنّ موسى مبعوث من جانبه سبحانه لإنقاذ قومه
حتى يرسل معه بني اسرائيل ، كما يفيده ذيل الآيات : (فَأْتِيَاهُ
فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا
تُعَذِّبْهُمْ) ، لاحظ سورة طه الآيات ٤٣ ـ ٤٧ ،
خصوصاً بالنظر إلى ما فرع على قوله : (إِنَّا
رَسُولا رَبِّكَ )
، قوله : (فَأَرْسِلْ مَعَنَا
بَنِي إِسْرَائِيلَ).
ويؤيد ذلك أيضاً أنّه لمّا لم ينجح
النبي موسى في انقاذ قومه من سلطان فرعون وعساكره ، أراد سبحانه أن ينجيهم بأسباب
غير عادية كما قال سبحانه : (وَلَقَدْ
أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ
طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لاَّ تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَىٰ) ( طه ـ ٧٧
).