مناص منه في تربية
النوع البشري بالنظر إلى العناية الإلهية.
وإن شئت قلت : الواجب في عناية الله تزويد
المجتمع الانساني بشريعة يأخذ بها في حياته الاجتماعية دون أن يخص بها قوماً ويترك
الآخرين سدى لا عناية له بهم ، ولازمه أن يكون أوّل شريعة نزلت على البشر شريعة
عامّة ، وقد أخبر الله سبحانه أنّ شريعة نوح هي أوّل شريعة نزلت على المجتمع
البشري قال سبحانه : (شَرَعَ
لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ
أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) ( الشورى ـ
١٣ ) ، ومقام الامتنان يقتضي بأنّ الشرائع الإلهية المنزلة على البشر عبارة عمّا
جاء ذكرها في هذه الآية ، وأوّل ما نزلت من الشرائع هي شريعة نوح ، ولو لم تكن
عامة للبشر ، بل كانت خاصة بقومه لكان هناك أمّا نبي آخر ، وشريعة اُخرى لغير قوم
نوح والحال أنّه لم يذكر في هذه الآية ولا في موضع آخر من كلامه سبحانه.
وأمّا اهمال سائر الناس غير قومه في
زمنه وبعده إلى حين [١].
ملاحظات في كلام العلاّمة
الطباطبائي
وفيما ذكره قدسسره ملاحظات نلفت نظر القارئ الكريم إليها
:
أمّا
أوّلاً : فإنّ ما ذكره من أنّه يجب في عناية
الله تكميل الأنواع وأنّ الشريعة الإلهية تكمل النوع الانساني ، وأنّ التشريع
تكميل للتكوين ممّا لا كلام فيه ، غير أنّ الكلام هو في قابلية سائر العناصر
البشرية الاُخرى المعاصرة لنوح ، الساكنة في مناطق اُخرى لتلقي الشريعة وأخذها
والعمل بها ، فإنّه من المحتمل أن لا تكون تلك العناصر والأفراد لبداوتها وبساطة
شعورها وحياتها أهلاً لارسال الشريعة إليهم وعدم بلوغهم بعد إلى حد يستأهلون معه
للتعليم الإلهي ، فإنّه من البديهي أنّ البلوغ الجسماني وحده لا يكفي في تلقي
الشريعة والعمل بها ، بل يجب أن يكون معه مقدرة فكرية واستعداد نفسي يؤهّله
لاستقبال الشريعة ، والدخول في مدرسة الوحي الإلهي. فمثل بعض المجتمعات قبل أن