responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاهيم القرآن نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 3  صفحه : 58

الذي غمر الجزيرة وملأها عدلاً وأمناً ودعة وحبّاً ؟

لو قيل أنّ الاسكندر المقدوني كان يعمل على تكوين امبراطورية تشمل العالم القديم كلّه وتجعله يلتف حول هذا الشاب الإغريقي لصدقنا ، ولو قيل أنّ « نابليون » كان يعمل على تكوين امبراطورية تشمل العالمين القديم والجديد ، ليجلس على عرشها الفتي لصدقنا.

أمّا إذا قيل أنّ محمد بن عبد الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكّر في أن يدعو خلق الله المتاخمين لجزيرة العرب والمتّصلين بقريش ـ اتصالاً تعيش عليه قريش وينبني على أساسه كلّ شيء في البنية القرشية ـ فذلك أمر يعز على البحث النزيه والعقل الحر ( بزعم « وليم ميور » ) أن يقبله إلاّ أن يكون تفكير ذلك النبي في هذا الأمر تفكيراً على نحو غامض.

وأمّا القول بأنّ ذلك الدين لم يهيأ إلاّ لبلاد العرب ، فإنّ ذلك لم يمنع محمداً من التفكير في تعميم دينه ، لأنّ هذا التفكير سواء أتحقق أم لم يتحقق ، إنّما يعتمد على اعتقاده أن دينه صالح لذلك ، وقد ثبت من القرآن أنّه كان يعتقد أنّ الإسلام قد هيّئ لكلّ حالة ، وأنّ القرآن قد تكفّل بتبيان كلّ شيء ، إذ يقول الله تعالى لرسوله في غير آية : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ ) ( سورة النحل ـ ٨٩ ).

ويؤيد دعوى عموم الرسالة للجنس البشري قول محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ بلالاً أوّل ثمار الحبشة ، وأنّ صهيباً أوّل ثمار الروم ، وكذلك ما قاله عن سلمان الذي كان أوّل من أسلم من الفرس ، فكان عبداً نصرانياً بالمدينة اعتنق هذا الدين الجديد في السنة الاُولى من الهجرة ، وهكذا صرّح الرسول في وضوح وجلاء ، أنّ الإسلام ليس مقصوراً على الجنس العربي قبل أن يدور بخلد العرب أي شيء يتعلّق بحياة الفتح والغزو بزمن طويل ، ويؤيد ذلك ما ورد في القرآن الكريم في تلك الآيات البينات » [١].


[١] تاريخ الإسلام السياسي ـ الطبعة الخامسة ـ ج ١ ، ص ١٦٧ ـ ١٧٠ ، وذكر في المقام بعض الآيات التي تدل على عمومية رسالته.

نام کتاب : مفاهيم القرآن نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 3  صفحه : 58
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست