إنّ الغرب بعد أن تم غزوه لبلاد الشرق
واحتلّها بالحديد والنار ، طفق يغزو الأفكار ويبث الشبهات وقد بعث رجال التبشير
إلى هذه البلاد لتحريف أفكار شباب الإسلام منه ثمّ توجيههم إلى المسيحية أوّلاً
واللادينية ثانياً ، حتى يسهل اصطيادهم وسحق حقوقهم ونهب منابعهم وأموالهم ، ومن
الشبهات التافهة التي نشرها بعض رجال الكنيسة في بلادنا قولهم :
إنّ المسيح بشّر برسول يأتي من بعده
اسمه أحمد غير أنّه لا ينطبق على نبي الإسلام فإن إسمه « محمد » بنص القرآن الكريم
واتفاق المسلمين وغيرهم ، والذي بشّر به المسيح إنّما هو أحمد ، وحينئذ فإنّ ما
بشّر به هو غير ذاك ، ونحن نتربص بفارغ الصبر مجيء نبي آخر اسمه أحمد ، يكون خاتم
الأنبياء والمرسلين.
وتلك شبهة لا تحتاج إلى الجواب ، ولا
غرو من مبدعها فإنّ من يعمد إلى تغيير الشرائع بالتحريف ، لا يتعفف عن تحويل الأسماء
عن مسمياتها إلى غيرها مما يرشده إليه هواه ، إذ من الضروري أنّ أحمد أحد أسماء
نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وكانت
الحجاز والحرم والبيت ومن يعيش فيها ، تعرفه بهذا الاسم كما كانت تعرفه باسمه
الآخر.
أضف إلى ذلك أنّه لما نزل قوله سبحانه :
(وَمُبَشِّرًا
بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) لم يعترض
على النبي أحد من المسيحيين ولا من غيرهم ، بل لم ينبس أحد ببنت شفة ، بأنّ من
بشّر بمجيئه المسيح إنّما هو أحمد ، وأي صلة بينك وبين هذه البشارة ، بل سكتوا عنه
وتلقّوه أمراً مسلماً وهذا دليل على أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم
كان معروفاً بهذا الاسم يوم ذاك بل منذ ولادته ونعومة أظفاره [١].
ودونك نماذج مما وقفت عليه من شعر عمّه
وغيره ممن ذكروا النبي في أشعارهم
[١] والأوهن من تلك
الشبهة ما حسبه بعض المغفلين من أنّ الآية اخبار عن نبوّة غلام أحمد القادياني ذلك
المتنبئ المشعوذ الذي خدم الاستعمار البريطاني عند احتلال الهند.