وأمّا النشرات الجوية التي تصدرها دائرة
الأنواء الجوية الدارجة في الحضارة الفعلية ، فهي أنباء ظنية على اُصول وتجارب
واستطلاع على أوضاع تكتسبها دائرة الأنواء الجوية من مختلف البلدان قريبها وبعيدها
ـ ومع ذلك ـ فلا تخرج عن دائرة الحدس والظن ، وليست مصونة عن الخطأ كما هو الشاهد
لكل من يصغي إليها ثمّ يرجع إلى فسيح الكون ويطبّقها عليه.
توضيحه : أنّ لكل من الاُمم عبر الأجيال
والقرون ، تجارب في هذا الباب كانوا يستكشفون بها على سبيل الظن والتخرّص ، مواقع
نزول المطر والثلج ، حتى أنّ القرويين والبدو ، كانوا يستطيعون التنبّؤ بحالة
الطقس المقبلة من صحو أو مطر ، وما أشبه ذلك من بعض الظواهر الجوية كإتجاه الريح
مثلاً. بل كانوا يستكشفون بغير ذلك من نزول الكلب من سطح البيت إلى داخله وقد حكي
أنّ نصير الدين الطوسي ( ذلك الفلكي العظيم ) نزل في بعض أسفاره على طحان له
طاحونة خارج بعض البلاد فلمّا دخل المنزل صعد السطح لحرارة الهواء ، فقال له صاحب
البيت : أنزل ونم في داخل البيت لأجل نزول المطر فنظر « نصير الدين » إلى الأوضاع
الفلكية ، فلم ير شيئاً يورث الظن بنزول المطر ، فقال له الطحّان : أنّ لي كلباً
ينزل في كل ليلة يحس بأنّ المطر سينزل فيها إلى البيت ، فلم يقبل ذلك منه المحقّق
، وبات فوق السطح فأدركه المطر أثناء الليل وتعجّب المحقق الطوسي [١].
نعم الأدوات الحديثة لتعيين درجة
الحرارة في الجو وارتباط مختلف البلدان بعضها ببعض ، بواسطة أجهزة البرق السلكية
واللاسلكية ، وتبادل المعلومات فيما بينها عن الحالة الجوية ساعة فساعة ، هذه
الأدوات احتلّت مكان التجارب السالفة وساعد على امكان التنبّؤ بتقلّبات الطقس
بالاستنتاج والتخمين.
ومع ذلك فإنّ استنتاجات دائرة الأنواء
الجوية لا تكون صائبة دائماً فكثيراً ما