وذكر الحاكم أبو سعيد في تفسيره : انّها
تدل على بطلان قول الإمامية : إنّ الأئمّة يعلمون الغيب وأقول : إنّ هذا القول ظلم
منه لهؤلاء القوم ، فإنّا لا نعلم أحداً منهم بل أحداً من أهل الإسلام يصف أحداً
من الناس بعلم الغيب ومن وصف مخلوقاً بذلك فقد فارق الدين ، والشيعة الإمامية براء
من هذا القول ومن نسبهم إلى ذلك فالله ما بينه وبينهم [١].
غير أنّه عزب عن هذا المسكين أنّ ما
ذكره « أمين الإسلام » لا يمثّل رأي الشيعة الإمامية في الموضوع ، وإنّما هو رأي
واحد منهم ولا يمثّل رأي الجميع ولا يؤخذ الجمع بفعل الواحد ورأيه.
أضف إلى ذلك : أنّ ما ذكره أمين الإسلام
لا يهدف إلاّ إلى ما ذكرناه ، وانّ الممنوع توصيفهم باطلاعهم على الغيب على غرار
علمه سبحانه ، بشهادة قوله : « ومن وصف مخلوقاً بذلك فقد فارق الدين » إذ أي صلة
بين مفارقة الدين والقول بأنّ الله سبحانه أظهر غيبه لأحد أوليائه ، واطلع هو على
الغيب من تلك الناحية وتعرف بتعليم منه سبحانه.
ولو رجع الكاتب إلى موضع آخر من كتابه
ولم يقصر نظره على موضع واحد منه ، لوقف على مغزى ما رامه فإنّه قدّس الله سرّه قد
حقّق المسألة في موضع آخر من كتابه.
قال في تفسير قوله سبحانه : (وَللهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا
رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ( هود ـ ١٢٣
) ما هذا لفظه : وجدت بعض المشايخ ممّن يتّسم بالعدوان والتشنيع قد ظلم الشيعة
الإمامية في هذا الموضع من تفسيره فقال : « هذا يدلّ على أنّ الله سبحانه يختص
بعلم الغيب خلافاً لما تقول الرافضة : إنّ الأئمّة يعلمون الغيب » ولا شك أنّه عنى
بذلك من يقول بإمامة