من ربّه ، والصاحب
من مستصحبه ، ترد عليكم فتنتهم شوهاء مخشية ، وقطعاً جاهلية ، ليس فيها منها منار
هدى ولا علم يرى.
نحن أهل البيت منها بمنجاة ولسنا فيها
بدعاة ، ثم يفرجها الله عنكم كتفريج الأديم ، بمن يسومهم خسفاً ، ويسوقهم عنفاً ،
ويسقيهم بكأس مصبرة لا يعطيهم إلاّ السيف ، ولا يحلسهم إلاّ الخوف ، فعند ذاك تود
قريش بالدنيا وما فيها لو يرونني مقاماً واحداً ، ولو قدر جزر جزور ، لأقبل منهم
ما أطلب اليوم بعضه ، فلا يعطوننيه » [١].
قال ابن أبي الحديد : ولقد امتحنّا
اخباره فوجدناها موافقة ، فاستدللنا بذلك على صدق الدعوى المذكورة ، كاخباره عن
الضربة التي يضرب بها في رأسه فتخضب لحيته ، واخباره عن قتل الحسين ابنه عليهالسلام ، وما قاله في كربلاء حيث مرّ بها ،
واخباره بملك معاوية الأمر من بعده واخباره عن الحجاج ، وعن يوسف بن عمر ، وما
أخبره به من أمر الخوارج بالنهروان ، وما قدمه إلى أصحابه من إخباره بقتل من يقتل
منهم ، وصلب من يصلب ، وإخباره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، وإخباره بعدة
الجيش الوارد إليه من الكوفة لمّا شخص عليهالسلام
إلى البصرة لحرب أهلها ، وإخباره عن عبد الله بن الزبير وقوله فيه : « خب ضب يروم
أمراً ولا يدركه ، ينصب حبالة الدين لإصطياد الدنيا وهو بعد مصلوب قريش ».
وكاخباره عن هلاك البصرة بالغرق وهلاكها
تارة اُخرى بالزنج وهو الذي صحفه قوم فقالوا : بالريح ، وكاخباره عن ظهور الرايات
السود من خراسان وتنصيصه على قوم من أهلها يعرفون ببني رزيق ، ( بتقديم المهملة )
وهم آل مصعب الذين منهم طاهر بن الحسين وولده وإسحاق بن إبراهيم وكانوا هم وسلفهم
دعاة الدولة العباسية ،
[١] نهج البلاغة
الخطبة ٨٩ ، قال الشارح الحديدي : وهذه الخطبة ذكرها جماعة من أصحاب السير ، وهي
متداولة مستفيضة ، خطب بها علي عليهالسلام
بعد انقضاء أمر النهروان وفيها ألفاظ لم يوردها الرضي من ذلك قوله : « سلوني قبل
أن تفقدوني ، فإنّي ميّت عن قريب أو مقتول ، بل قتلاً ، ما ينتظر أشقاها أن يخضب
هذه بدم » وضرب بيده إلى لحيته. لاحظ نهج البلاغة ج ٧ ص ٥٧.